حكاية نوال مسعد المتهمة بتهريب أموال في أماكن حساسة من بريطانيا الى المعارضة السورية

الشابة المتهمة بتهريب أموال من إنكلترا إلى سوريا

حادثة القبض على نوال مسعد في مطار هيثرو Heathrow في لندن واتهامها ورفيقتها أمل الوهابي بتهريب أموال لمصلحة منظمات إرهابية تقاتل في سوريا، تدلّ على نجاح محاولات النظام السوري الرامية إلى تحويل كل مشروع معارض بديل له إلى "إرهابي" في نظر البلدان الغربية.

فلمَ لا تكون نيّة مسعد إرسال هذه الأموال (قرابة 27,000 دولار) التي حملتها في سروالها الداخلي إلى مقاتلين من منظّمات غير إرهابية؟ وهل هنالك دليل في حالات كهذه يثبت أن المال يذهب لشراء أسلحة عوضاً عن استخدامه لجلب معونات إنسانية؟

قال النائب العام مارك دينيس Mark Dennis إن مسعد كانت على علم بحيازتها المبلغ وبأنها وضعتأوراقاً نقدية من فئة 500 يورو داخل جسدها في واقٍ ذكريّ قبل صعودها إلى طائرة متّجهة إلى إسطنبول في 16 يناير المنصرم. تابع دينيس أن الوهابي جنّدت مسعد لإمداد مقاتلين إرهابيين في سوريا بالمال، مقابل ألف يورو، مؤكّداً أن صوراً ومحادثات دارت على الواتساب بين الاثنتين تبيّن أن زوج الوهابي يقاتل في سوريا منذ مغادرته المملكة المتحدة إلى أمستردام.

وكانت تقارير صحافية قد ذكرت أن زوج الوهابي الإنجليزي آين ديفيس Aine Davis، البالغ من العمر 30 عاماً، كان قد غادر إلى أمستردام في يوليو 2013 ولم يعد. فيما تفيد رسائل بعث ديفيس بها إلى زوجته، وفقاً لبعض الصحف الغربية، بأنه قرر البقاء في "أراضي المسلمين" في سوريا بعد أن أطلق على نفسه اسم "حمزة" وعاش مرحلة من حياته في السعودية واليمن.

مع ذلك، شددت المرأتان على براءتهما في الجلسة الأولى من المحاكمة التي جرت الثلثاء الماضي. أفادت مسعد بأنها كانت تعتزم شراء ذهب لوالدتها بتلك الأموال، نافيةً علاقتها بأي تنظيم إرهابي في سوريا. وكتبت طالبة الموارد البشرية في جامعة "لندن متروبوليتان" London Metropolitan  على صفحتها في فيسبوك، بأنها بريئة من التهم الموجهة إليها، وبأنها تعاونت تعاوناً كاملاً مع الشرطة مع أنها تعرّضت هي وعائلتها لضرر لا يمكن إصلاحه جراء الإتهامات الموجهة إليها في المحاكم.

المستغرب أن تكون طالبة جامعية كمسعد ذات توجّهات غير متطرفة وأسلوب حياة منفتح (يبدو ذلك واضحاً من لباسها وغنائها) متورطة في نقل أموال إلى منظمات جهادية متطرفة. وفي حين قد يقول بعضهم إن  شخصية مسعد المتحررة قد تكون خير تغطية لعملية كهذه، يبقى احتمال براءتها مسعد من التهم المنسوبة إليها قائماً.

لكن، لعلّ أبرز ما في القضية، بغض النظر عمّا سيصدر عن المحكمة، هو أن العيون في أنحاء العالم ترصد كلّ تحرّك قد ينجم عنه إرسال المال إلى المعارضة السورية، التي يتهرّب الغرب من إمدادها بالأسلحة النوعية لتحقيق تقدّم عسكري فعلي.

علماً أن هذا التغيير المتدرّج في موقف الغرب، من حيث دعمه الخجول للمعارضة وتصدّيه لمحاولات تمويل جهاتها بشراسة، يُعدّ نجاحاً لوجهة نظر النظام السوري الذي لطالما دعا المجتمع الدولي إلى تفهّم موقفه من "مؤامرة كونية" تحاك ضدّه، وإلى دعمه في حربه على الإرهاب.

توقيف نوال مسعد وأمل الوهابي، قد يكون عملاً مخابراتياً جيّداً إن كانتا فعلاً تمدّان داعش وأخواتها بالأموال. لكنّه من جهة أخرى، يؤكّد أن بريطانيا وغيرها من دول الغرب تراقب تحرّكات كل من يتّجه نحو الشرق الأوسط لدعم المعارضة السورية، وهذا يصبّ في مصلحة النظام الممانع لجميع أشكال المعارضة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *