الدولة العثمانية عوامل النهوض و اسباب السقوط صفحات من التاريخ الاسلامى فى شمال افريقيا الجزء الرابغ عشر الجامعة الاسلامية

المبحث الثاني
الجامعة الاسلامية

لم تظهر فكرة الجامعة الاسلامية، في معترك السياسة الدولية إلا في عهد السلطان عبدالحميد، وبالضبط بعد ارتقاء السلطان عبدالحميد عرش الدولة العثمانية عام 1876م. فبعد أن ألتقط السلطان عبدالحميد أنفاسه وجرد المتأثرين بالفكر الأوروبي من سلطاتهم، وتولى هو قيادة البلاد، قيادة حازمة اهتم السلطان عبدالحميد بفكرة الجامعة الاسلامية وقد تكلم في مذكراته عن ضرورة العمل على تدعيم أواصر الأخوة الاسلامية بين كل مسلمي العالم في الصين والهند وأواسط أفريقيا وغيرها، وحتى ايران وفي هذا يقول: (عدم وجود تفاهم مع ايران أمر جدير بالتأسف عليه وإذا أردنا أن نفوّت الفرصة على الانجليز وعلى الروس فإنا نرى فائدة تقارب إسلامي في هذا الأمر)([1]) وتحدث عن علاقة الدولة العثمانية بإنجلترا التي تضع العراقيل أمام الوحدة العثمانية يقول عبدالحميد الثاني: (الإسلام والميسيحية نظرتان مختلفتان ولايمكن الجمع بينهما في حضارة واحدة) لذلك يرى أن (الأنجليز قد أفسدوا عقول المصريين، لأن البعض أصبح يقدم القومية على الدين. ويظن أنه يمكن مزج حضارة مصر بالحضارة الأوروبية، وإنجلترا تهدف من نشر الفكر القومي في البلاد الاسلامية الى هز عرشي … وأن الفكر القومي قد تقدم تقدماً ملموساً في مصر. والمثقفون المصريون أصبحوا من حيث لا يشعرون ألعوبة في يد الانجليز إنهم بذلك يهزون اقتدار الدولة الاسلامية ويهزون معها اعتبار الخلافة)([2]).
ويقول عن السياسة الانجليزية تجاه الخلافة: (قالت صحيفة ستاندرد الانكليزية مانصه: (يجب أن تصبح الجزيرة العربية تحت الحماية الانكليزية، ويجب على انكلترا أن تسيطر على مدن المسلمين المقدسة) … إن إنجلترا تعمل لهدفين : إضعاف تأثير الاسلام وتقوية نفوذها وبالتالي .. لذلك أراد الانجليز أن يكون الخديوي في مصر خليفة للمسلمين ولكن ليس هناك مسلم صادق واحد يقبل أن يكون الخديوي أميراً للمؤمنين لأنه بدأ دراسته في جنيف وأكملها في فيينا وتطبع بطابع الكفار)([3]).
وعندما ظهر اقتراح انكلترا (لإعلان الشريف حسين أمير مكة خليفة المسلمين)([4]) ويعترف السلطان عبدالحميد الثاني بأنه لم يكن لدية الطاقة ولا القوة لمحاربة الدول الأوروبية .. ولكن الدول الكبرى كانت ترتعد من سلاح الخلافة، وخوفهم من الخلافة جعلهم يتفقون على إنهاء الدولة العثمانية)([5])، و(أن الدولة العثمانية تضم أجناساً متعددة من أتراك وعرب وألبان وبلغار ويونانيين وزنوج وعناصر أخرى، ورغم هذا فوحدة الاسلام تجعلنا أفراد أسرة واحدة)([6]).
ويُعبر عبدالحميد الثاني عن ثقته في وحدة العالم الاسلامي بقوله: (يجب تقوية روابطنا ببقية المسلمين في كل مكان، يجب أن نقترب من بعضنا البعض أكثر وأكثر، فلا أمل في المستقبل إلا بهذه الوحدة. ووقتها لم يحن بعد لكنه سيأتي. سيأتي اليوم الذي يتحد فيه كل المؤمنين وينهضون فيه نهضة واحدة ويقومون قومة رجل واحد وفيه يحطمون رقبة الكفار)([7]).
كانت فكرة الجامعة الاسلامية في نظر السلطان عبدالحميد يمكن بها أن يحقق أهدافاً منها:
-مواجهة أعداء الاسلام المثقفين بالثقافة الغربية، والذين توغلوا في المراكز الادارية والسياسية الحساسة، في أجهزة الدول الاسلامية عموماً، وفي أجهزة الدولة العثمانية خصوصاً، عند حدهم، عندما يجدون أن هناك سداً إسلامياً ضخماً وقوياً يقف أمامهم.
– محاولة إيقاف الدول الاستعمارية الأوروبية وروسيا، عند حدها عندما تجد أن المسلمين ، قد تكتلوا في صف واحد، وقد فطنوا الى أطماعهم الاستعمارية ووقفوا ضدها بالوحدة الاسلامية.
– إثبات أن المسلمين يمكن أن يكونوا قوة سياسية عالمية، يحسب له حسابها في مواجهة الغزو الثقافي والفكري والعقدي الروسي -الأوروبي النصراني.
– تأخذ الوحدة الاسلامية الجديدة دورها في التأثير على السياسة العالمية([8]).
– تستعبد الدولة العثمانية بوصفها دولة الخلافة قوتها وبذلك يمكن إعادة تقويتها، وتجهيزها بالأجهزة العلمية الحديثة، في الميادين كافة وبذلك تستعيد هيبتها وتكون درساً تاريخياً. يقول : (إن العمل على تقوية الكيان السياسي والاجتماعي الاسلامي، أفضل من إلقائه أرضاً، وتكوين كيان غريب فكرياً واجتماعياً على نفس الأرض)([9]).
– إحياء منصب الخلافة، ليكون أداة قوية، وليس صورياً كما حدث لفترة . وبذلك لا يكون السلطان وحده فقط هو الذي يقف في مواجهة أطماع الغرب وعملائه في الداخل، وإنما هي وحدة شعورية بين شعوب المسلمين جميعاً. يكون هو الرمز والموجّه والموحّد.
والى هذا اشار المؤرخ البريطاني (آرنولد توينبي) في قوله: (إن السلطان عبدالحميد ، كان يهدف من سياسته الاسلامية، تجميع مسلمي العالم تحت راية واحدة، وهذا لايعني إلا هجمة مضادة، يقوم بها المسلمون ضد هجمة العالم الغربي التي استهدفت عالم المسلمين)([10]).
ولذلك استخدم السلطان عبدالحميد ، كل الإمكانيات المتاحة في ذلك الوقت، من اتخاذ الدعاة من مختلف جنسيات العالم الاسلامي، من العلماء والمبرزين، في مجالات السياسة، والدعاة الذين يمكن أن يذهبوا الى أرجاء العالم الاسلامي المختلفة، للالتقاء بالشعوب الاسلامية وفهم ماعندهم وإبلاغهم بآراء وتوجيهات السلطان الخليفة ونشر العلوم الاسلامية، ومراكز الدراسات الإسلامية، في الداخل والخارج، وطبع الكتب الاسلامية الأساسية، ومحاولة اتخاذ اللغة العربية لأول مرة في تاريخ الدولة العثمانية، لغة للدولة أو مايسمى بالتعبير المعاصر “تعريب” الدولة العثمانية، والعناية بالمساجد والجوامع من تجديد وترميم وبناء الجديد منها، والقيام بحملات تبرع لإحياء المساجد في العالم، والاهتمام بالمواصلات لربط أجزاء الدولة العثمانية، واستمالة زعماء القبائل العربية، وإنشاء مدرسة في عاصمة الخلافة، لتعليم أولاد رؤساء العشائر والقبائل، وتدريبهم على الإدارة ، واستمالة شيوخ الطرق الصوفية، والاستفادة من الصحافة الاسلامية في الدعاية للجامعة الاسلامية، واتخاذ بعض الصحف وسيلة للدعاية لهذه الجامعة، والعمل على تطوير النهضة العلمية والتقنية في الدولة العثمانية، وتحديث الدولة فيما هو ضروري([11]).
ولقد ألتفت مجموعة من العلماء ودعاة الأمة الاسلامية الى دعوة الجامعة الاسلامية من أمثال جمال الدين الأفغاني، ومصطفى كامل من مصر، وأبي الهدى الصيادي من سوريا، وعبدالرشيد إبراهيم من سيبريا، والحركة السنوسية في ليبيا وغيرها.
أولاً: جمال الدين الأفغاني والسلطان عبدالحميد:
أيد جمال الدين الأفغاني ، دعوة السلطان عبدالحميد الى الجامعة الاسلامية وقدم مشروعات أكبر بكثير من طموح السلطان. ولم يكن السلطان يأمل في أكثر من وحدة هدف بين الشعوب الاسلامية ، ووحدة حركة بينهما. وهي وحدة شعورية عملية، في نفس الوقت، تكون الخلافة فيها ذات هيبة وقوة لكن الأفغاني عرض على السلطان مشروعاً، يرمي الى توحيد أهل السنة مع الشيعة وكانت نظرة السلطان عبدالحميد لا ترمي في هذا الصدد أكثر من توحيد الحركة السياسية بين الفريقين لمواجهة الاستعمار العالمي([12]).
واستفاد السلطان عبدالحميد كثيراً من الأفغاني، في الدعاية الى الجامعة الاسلامية، رغم الاختلاف بين فكر السلطان وفكر الأفغاني ، ومن أسباب الاختلاف:
إيمان الأفغاني بقضية وحدة المسلمين، وتأييده في نفس الوقت للثوار ضد السلطان عبدالحميد ، من القوميين الأتراك والعثمانيين عامة.
دعوة الأفغاني لوحدة الشعوب الإسلامية، بحيث تكون كالبنيان الواحد، وبقلب واحد ، في مواجهة الدول الأوروبية الرامية الى تقسيم الدولة العثمانية العاملة على انهيارها ، وفي نفس الوقت، لم يتعرض الأفغاني للاستعمار الفرنسي، ولو بكلمة تنديد. في وقت احتاج فيه السلطان عبدالحميد الى مقاومة الفرنسيين في شمال أفريقيا([13]).
تنديد جمال الدين بالاستعمار الإنكليزي في حين يذكر السلطان عبدالحميد أن المخابرات العثماينة، حصلت على خطة أعدت في وزارة الخارجية الانكليزية، واشترك فيها جمال الدين الأفغاني وبلنت الانكليزي وتقضي هذه الخطة بإقصاء الخلافة عن السلطان عبدالحميد وعن العثمانيين عموماً. وبلنت هذا سياسي إنكليز ي يعمل في وزارة الخارجية الانكليزية، ومؤلف كتاب “مستقبل الاسلام” ودعا فيه صراحة الى العمل على نزع الخلافة من العثمانيين، وتقليدها للعرب وقد رد مصطفى كامل باشا زعيم الحركة الوطنية في مصر على “بلنت” في كتاب مصطفى كامل باشا المشهور (المسألة الشرقية) قائلاً: (وبالجملة فإن حضرة مؤلف كتاب مستقبل الاسلام يرى -وماهو إلا مترجم عن آمال بني جنسه- أن الأليق بالاسلام أن ينصب أنكلترا دولة له بل إن الخليفة يجب أن يكون إنكليزياً)([14]).
رغم الأطماع الروسية والحروب الروسية ، ضد الدولة العثمانية واقتطاع الروس لأجزاء من الأراضي العثمانية، فقد كان موقف السيد جمال الدين الأفغاني من مبدأ التوسع الروسي غريباً على مفهوم الجامعة الاسلامية، لأنه يعترف بما للروس من مصالح حيوية وإستراتيجية في الهند، تدفعهم لاحتلالها. وأن ليس لدى الافغاني اعتراض على هذا الاحتلال إذا حدث، بل ينصح الروس باتباع أسلم السبل وأسهلها لتنفيذه، وذلك بأن يستعينوا بدولة فارس، وبلاد الأفغان ، لفتح أبواب الهند، شريطة أن تسهمهما في الغنيمة وتشركهما في المنفعة.
الخلاف العقدي الذي ظهر بين العلماء في استانبول وبين جمال الدين الأفغاني وظهور كتاب الشيخ (خليل فوزي الفيليباوي) المعنون (السيوف القواطع) للرد على عقيدة الأفغاني وسكوت الأفغاني عن هذا ، وعدم دفاعه عن نفسه. والكتاب باللغة العربية، ومترجم وقتها الى اللغة التركية.
مالَ السلطان عبدالحميد، الى تركيز كل السلطات في يده بعد أن ذاق الأمرين من وزرائه وضباط جيشه وصدروه العظام المتأثرين بالفكر الغربي ، والذين هدفوا الى إقامة ديمقراطية أوروبية، تضم مجلساً منتخباً يمثل كل شعوب الدولة العثمانية، ومعارضة السلطان عبدالحميد لهذا بحجة أن عدد النواب المسلمين سيكون حوالي نصف العدد الكلي للبرلمان. في حين أن جمال الدين الأفغاني يميل الى الديمقراطية، وعدم تركيز السلطات في يد شخص واحد بعينه، وميل الأفغاني الى الحرية في التعبير عن الرأي([15]).
ولقد ذكر السلطان عبدالحميد في مذكراته بأن جمال الدين الأفغاني مهرج وله علاقة بالمخابرات الإنكليزية: (وقعت في يدي خطة أعدها في وزارة الخارجية الإنكليزية مهرج اسمه جمال الدين الأفغاني وإنكليزي يُدعى بلنت قالا فيها بإقصاء الخلافة عن الاتراك. واقتراحا على الانكليز إعلان الشريف حسين أمير مكة خليفة على المسلمين.
كنت أعرف جمال الدين الأفغاني عن قرب. كان في مصر، وكان رجلاً خطيراً. اقترح عليّ ذات مرة -وهو يدّعي المهدية- أن يشير جميع مسلمي آسيا الوسطى. وكنت أعرف أنه غير قادر على هذا. وكان رجل الانكليز ، ومن المحتمل جداً أن يكون الانكليز قد أعدوا هذا الرجل لاختباري فرفضت فوراً ، فاتحد مع بلنت.
استدعيته الى استانبول عن طريق أبي الهدى الصيادي الحلبي ، الذي كان يلقي الاحترام في كل البلاد العربية.
قام بالتوسط في هذا كل من منيف باشا، حامي الأفغان القديم ، والأديب الشاعر عبدالحق حامد. جاء جمال الدين الأفغاني الى اسانبول، ولم أسمح له مرة أخرى بالخروج منها…)([16]).
أما رأي جمال الدين الأفغاني في السلطان عبدالحميد فإنه يقول : (إن السلطان عبدالحميد لو وزن مع أربعة من نوابغ رجال العصر لرجحهم ذكاء ودهاء وسياسة، خصوصاً في تسخير جليسه، ولا عجب إذا رأيناه يذلل لك مايقام لملكه من الصعاب من دول الغرب، ويخرج المناوئ له من حضرته راضياً عنه وعن سيرته وسيره، مقتنعاً بحجته سواء من ذلك الملك والأمير والوزير والسفير…)([17]).
وقال : (ورأيته يعلم دقائق الأمور السياسية ومرامي الدول الغربية وهو معد لكل هوة تطرأ على الملك، مخرجاً وسلماً، وأعظم ماأدهشني ، ماأعده من خفي الوسائل وأمضى العوامل ، كي لاتتفق أوروبا على عمل خطير في الممالك العثمانية، ويريها عياناً محسوساً أن تجزئة السلطنة العثمانية لايمكن إلا بخراب يعم الممالك الأوروبية بأسرها)([18]).
ويقول: (أما مارأيته من يقظة السلطان ورشده وحذره وإعداده العدة اللازمة لإبطال مكائد أوروبا وحسن نواياه واستعداده للنهوض بالدولة الذي فيه نهضة المسلمين عموماً، فقد دفعني الى مد يدي له فبايعته بالخلافة والملك، عالماً علم اليقين ، أن الممالك الاسلامية في الشرق لاتسلم من شراك أوروبا، ولا من السعي وراء اضعافها وتجزئتها ، وفي الأخير ازدرائها واحدة بعد أخرى، إلا بيقظة وانتباه عمومي وانضواء تحت راية الخليفة الأعظم…)([19]).
إن جمال الدين الأفغاني أمره محير فهناك من يدافع عنه وهناك من يتهمه بالعمالة والإنضمام الى المحافل الماسونية فمثلاً، كتاب دعوة جمال الدين الأفغاني في ميزان الاسلام للمؤلف مصطفىفوزي عبداللطيف غزال يرى أنه كان من عوامل الهدم في الأمة في تاريخها الحديث، إما كتاب جمال الدين الأفغاني المصلح المفترى عليه للدكتور محسن عبدالحميد فيراه من المصلحين.
ثانياً : الطرق الصوفية:
استهدف السلطان عبدالحميد الطرق الصوفية في كسب ولائها للدولة العثمانية، والدعوة الى فكرة الجامعة الاسلامية، واستطاع أن يكون رابطة بين مقر الخلافة -استانبول- وبين تكايا ومراكز تجمع الطرق الصوفية في كل أنحاء العالم الاسلامي واتخذ من حركة التصوف في العالم الاسلامي وسيلة للدعاية للجامعة الاسلامية، كما اتخذ من الزهاد من غير المتصوفة وسيلة ايضاً للدعوة لفكر التجمع الاسلامي ، وتكونت في عاصمة الخلافة لجنة مركزية ، مكونة من العلماء وشيوخ الطرق الصوفية حيث عملوا مستشارين للسلطان في شؤون الجامعة الاسلامية: الشيخ (أحمد أسعد) وكيل الفراشة الشريفة في الحجاز، والشيخ (أبو الهدى الصيادي) شيخ الطريقة الرفاعية، والشيخ (محمد ظافر الطرابلسي) شيخ الطريقة المدنية، والشيخ -رحمه الله- أحد علماء الحرم المكي، كانوا أبرز أعضاء هذه اللجنة المركزية للجامعة الاسلامية، وكان معهم غيرهم، وكانت الدولة العثمانية تنتشر فيها هيئات فرعية في كافة الأقاليم خاضعة لهذه اللجنة ، ومن أهمها التي كانت في مكة تحت إشراف شريف مكة ومهمتها نشر مفهوم الجامعة الاسلامية في موسم الحج بين الحجاج، وأخرى في بغداد، وتقوم بنفس المهمة بين اتباع الطريقة القادرية، الذين يأتون بكثرة من الشمال الأفريقي لزيارة الشيخ عبدالقادر الكيلاني مؤسس الطريقة، وقد قدرت أعداد هؤلاء في إحدى السنوات بحوالي (25.000) نسمة. وكانت لجنة بغداد تمل على تهيئة القادمين لحمل فكرة الجامعة الاسلامية ، ولمقاومة الاستعمار الفرنسي في شمال أفريقيا ووصفت المخابرات الفرنسية ما قام به هؤلاء القادمون من أهل الشمال الأفريقي من بغداد، من أعمال ضد الفرنسيين وضد الاستعمار الفرنسي بأنها: (استفزازات بعض رجال الدين التابعين للطريقة القادرية)([20]).
وللجنة المركزية للجامعة الاسلامية في استانبول، فرع أفريقي يعمل في شمال أفريقيا، وهو يعمل في سرية تامة، مهمته تنسيق العمل بين الجماعات الدينية هناك، لمقاومة الاحتلال الفرنسي، وهذه الجماعات هي : (الشاذلية والقادرية والمدنية) ([21]).
وبلغ من نفوذ هذه الحركة وهيبتها: أن وصفتها إدارة المخابرات الفرنسية في شمال أفريقيا بقولها: (ويمكن للسلطان عبدالحميد -بصفته رئيساً للجامعة الاسلامية- أن يجمع من خلال ارتباطاته الوثيقة بالجماعات الدينية في شمال أفريقيا- جيشاً محلياً منظماً، يتمكن -إذا لزم الأمر- أن يقاوم به أي قوة أجنبية)([22]).
ولم تستطع المخابرات الفرنسية أن تكشف وسائل التنظيم للطرق الصوفية التابعة للخلافة الاسلامية في شمال أفريقيا وكل ما استطاعت عمله، هو محاولتها إضعاف هيبة السلطان عبدالحميد في نفوس مسلمي شمال أفريقيا، ومحاولة هذه السلطات ضرب سياسة الجامعة الاسلامية. وذلك باتباع سياسة فرنسية تقوم على:
إغراء بعض شيوخ الطرق الصوفية بالمال وبالمركز، للوقوف مع فرنسا وسياستها في شمال أفريقيا.
منع الحجيج من الحج، حتى لايلتقوا بدعاة الجامعة الاسلامية بالسبل المناسبة. بمعنى : عدم إعلان منع الحج، واتخاذ أسباب صحية لتخويف الناس منه، مثل نشر أخبار عن وجود الكوليرا([23]) وأرسل السلطان عبدالحميد مجموعة من الزهاد والمتصوفة الى الهند، لتعمل على القضاء على المحاولات الانكليزية الداعية الى سلب الخلافة من العثمانيين، لإعطائها الى العرب. واتصلت هذه القافلة أيضاً ببعض حكام الجزيرة العربية لاسيما الحجاز([24]).
وهناك اتصالات بين السلطان عبدالحميد بوصفه رئيساً للجامعة الاسلامية ، وخليفة المسلمين ، وسلطان الدولة العثمانية ، وبين تجمعات الطرق الصوفية وشيوخها في تركستان، وفي جنوب أفريقيا، وفي الصين. بعضها كشف عنها النقاب ، وأكثرها لم تكشف عنه الوثائق بشكل كافٍ بعد([25]).
لقد نجح السلطان عبدالحميد الثاني في جمع الطرق الصوفية إلا أنه فضل السكوت عن كثير من انحرافاتها العقدية بحيث أن الطرق الصوفية في تلك المرحلة أنحرفت عن كتاب الله وسنة رسول الله r إلا مارحم الله ولذلك أضعفت الأمة وساهمت في سقوط الخلافة الاسلامية العثمانية السنية سنبين ذلك بإذن الله تعالى في أسباب السقوط.
ثالثاً: تعريب الدولة:
كان السلطان عبدالحميد يرى -منذ أن تولى الحكم- ضرورة اتخاذ اللغة العربية لغة رسمية للدولة العثمانية. وفي هذا يقول: (اللغة العربية لغة جميلة. ليتنا كنا اتخذناها لغة رسمية للدولة من قبل. لقد اقترحت على (خير الدين باشا -التونسي- عندما كان صدراً أعظم أن تكون اللغة العربية هي اللغة الرسمية، لكن سعيد باشا كبير أمناء القصر أعترض على اقتراحي هذا. وقال : (إذا عرّبنا الدولة فلن يبقى -للعنصر التركي- شيء بعد ذلك.
كان (سعيد باشا) رجلاً فارغاً، وكلامه فارغاً. مادخل هذه المسألة بالعنصر التركي؟! المسألة غير هذه تماماً. هذه مسألة ، وتلك مسألة أخرى إتخاذنا للغة العربية لغة رسمية للدولة من شأنه -على الاقل- أن يزيد ارتباطنا بالعرب)([26]).
إن السلطان عبدالحميد الثاني كان يشكو وخصوصاً في بداية حكمه من أن الوزراء وأمناء القصر السلطاني ، كانوا يختلفون عنه في التفكير، وأنهم متأثرون بالغرب وبالافكار القوميةوالغربية وكانوا يشكلون ضغط على القصر ، سواء في عهد والده السلطان عبدالمجيد، وفي عهد عمه السلطان عبدالعزيز، أو في عهده هو. لم يقتصر الأمر في معارضة اقتراح السلطان عبدالحميد بتعريب الدولة العثمانية على الوزراء المتأثيرن بالغرب فقط: بل تعداه الى معارضة من بعض علماء الدين([27]).
إن من الأخطاء التي وقعت فيها الدولة العثمانية عدم تعريب الدولة وشعبها بلغة القرآن الكريم والشرع الحكيم.
يقول الاستاذ محمد قطب: (ولو تصورنا أن دولة الخلافة قد استعربت ، وتكلمت اللغة العربية التي نزل بها هذا الدين فلا شك أن عوامل الوحدة داخل الدولة كانت تصبح أقوى وأقدر على مقاومة عبث العابثين، فضلاً عما يتيحه تعلم العربية من المعرفة الصحيحة بحقائق هذا الدين من مصادره المباشرة: كتاب الله وسنة رسوله r ، مما كان الحكام والعامة كلاهما في حاجة إليه، على الرغم من كل ماترجم الى التركية وما ألف أصلاً بالتركية حول هذا الدين)([28]).

رابعاً: مراقبته للمدارس ونظرته للمرأة وسفور المرأة:
عندما تولى السلطان عبدالحميد السلطنة رأى أن المدارس، ونظام التعليم، أصبح متأثراً بالفكر الغربي، وأن التيار القومي: هو التيار السائد في هذه المدارس، فتدخل في شؤونها ووجّهها -من خلال نظرته السياسية- الى الدراسات الاسلامية. فأمر بالآتي:
· استبعاد مادة الأدب والتاريخ العام من البرامج الدراسية لكونها وسيلة من وسائل الأدب الغربي، والتاريخ القومي للشعوب الأخرى مما يؤثر على أجيال المسلمين سلباً.
· وضع دروس الفقه والتفسير والأخلاق في برامج الدراسة.
· الاقتصار فقط على تدريس التاريخ الاسلامي بما فيه العثماني.
وجعل السلطان عبدالحميد مدارس الدولة تحت رقابته الشخصية ووجهها لخدمة الجامعة الاسلامية([29]).
وأهتم بالمرأة وجعل للفتيات داراً للمعلمات ومنع اختلاطهنّ بالرجال وفي هذا يذكر السلطان في معرض الدفاع عن نفسه أمام اتهام جمعية الاتحاد والترقي له بأنه عدو العقل والعلم بأنه : (لو كنت عدواً للعقل والعلم فهل كنت أفتح الجامعة؟ لوكنت هكذا عدواً للعلم ، فهل كنت أنشئ لفتياتنا اللواتي لا يختلطن بالرجال ، داراً للمعلمات؟!)([30]).
وقام بمحاربة سفور المرأة في الدولة العثمانية، وهاجم تسرب أخلاق الغرب، الى بعض النساء العثمانيات، ففي صحف استانبول في 3 اكتوبر 1883م ظهر بيان حكومي موجه الى الشعب يعكس وجهة نظر السلطان شخصياً في رداء المرأة.
يقول هذا البيان: (إن بعض النساء العثمانيات اللائي يخرجن الى الشوارع في الأوقات الأخيرة، يرتدين ملابس مخالفة للشرع. وإن السلطان قد ابلغ الحكومة بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة. كما أبلغ السلطان الحكومة ايضاً بضرورة عودة النساء الى ارتداء الحجاب الشرعي الكامل بالنقاب إذا خرجن الى الشوارع). وبناءً على هذا فقد اجتمع مجلس الوزراء واتخذ القرارات التالية:
· (تعطى مهلة شهر واحد يمنع بعده سير النساء في الشوارع إلا إذا ارتدين الحجاب الاسلامي القديم. وينبغي أن يكون هذا الحجاب خالياً من كل زينة ومن كل تطريز.
· يُلغى ارتداء النساء النقاب المصنوع من القماش الخفيف أو الشفاف. وبالتالي ضرورة العودة الى النقاب الشرعي الذي لايبين خطوط الوجه.
· على الشرطة -بعد مضي شهر على نشر هذا البيان- ضمان تطبيق ماجاء فيه من قرارات بشكل حاسم، وعلى قوات الضبطية التعاون مع الشرطة في هذا.
· صدّق السلطان على هذا البيان بقراراته الحكومية.
· ينشر هذا البيان في الصحف ويعلق في الشوارع)([31]).
وفي اليوم التالي لنشر هذا البيان ، أي في 4 أكتوبر قالت جريدة (وَقِتْ) الصادرة في استانبول : (إن المجتمع العثماني عموماً يصوِّب هذا القرار ويراه نافعاً)([32]).
وكان السلطان عبدالحميد يرى : (أن المرأة لا تتساوى مع الرجل من حيث القوامة) ويقول: (مادام القرآن يقول بهذا، فالمسألة منتهية ولا داعي للتحدث عن مساواة المرأة بالرجل).
ويرى : (إن فكرة هذه المساواة إنما جاءت من الغرب)([33]).
كما كان يدافع عن تعدد الزوجات، في وقت كان الإعلام العثماني يثير هذه القضية معترضاً عليها. ويقول السلطان: (لماذا يعترض بعض المثقفين على هذا الأمر، ولماذا لايعترضون على وجوده في أماكن أخرى غير الدولة العثمانية، في بعض أماكن أوروبا وأمريكا؟) ويؤكد السلطان : إن مبدأ تعدد الزوجات مباح في الاسلام فماذا يعني الاعتراض عليه؟)([34]).
لقد كان السلطان عبدالحميد مع تعليم المرأة ولذلك أنشأ داراً للمعلمات، لتخريج معلمات للبنات كما كان ضد الاختلاط بين الرجل والمرأة وضد سفور المرأة ولم يكن في عهده للمرأة رأي في شؤون الدولة مهما كانت هذه الشؤون وإنما دور المرأة في البيت وتربية الأجيال وكان يعامل المرأة معاملة كريمة نادرة فهذه زوجة أبيه التي احتضنته وقامت بتربيته، عندما تولى السلطان العرش ، أعلن زوجة ابيه التي ربته (والدة السلطان) بمعنى الملكة في المفهوم الحديث. وكانت الملكة في القصر العثماني ، هي أم السلطان وليست زوجته كما في الدول الأخرى. ومع كل هذا، ففي اليوم التالي لتنصيب السلطان عبدالحميد على عرش الدولة العثمانية، قابل زوجة أبيه وهي التي أحبها حباً بالغاً، وقبل يدها وقال لها:
(بحنانك لم اشعر بفقد أمي . وأنت في نظري أمي لاتفترقين عنها. ولقد جعلتك السلطنة الوالدة.. يعني أن الكلمة في هذا القصر لك. لكني أرجوك -وأنا مصر على هذا الرجاء- ألا تتدخلي بأي شكل من الأشكال في أي عمل من أعمال الدولة، كَبُرَ أم صَغر)([35]).
خامساً: مدرسة العشائر:
أنشأ السلطان عبدالحميد في استانبول ، باعتبارها مقر الخلافة ومركز السلطنة (مدرسة العشائر العربية) من أجل تعليم وإعداد أولاً العشائر العربية، من ولايات حلب، وسورية ، وبغداد، والبصرة، والموصل، وديار بكر، وطرابلس الغرب واليمن، والحجاز، وبنغازي والقدس، ودير الزور.
وكانت مدة الدراسة في مدرسة العشائر العربية في استانبول خمس سنوات، وهي داخلية، تتكفل الدولة العثمانية بكل مصاريف الطلاب، ولكل طالب “إجازة صلة الرحم” وهي إجازة مرة كل سنتين. وسفر الطالب فيها على نفقة الدولة:
وبرنامج مدرسة العشائر العربية، في استانبول كان كالآتي:
السنة الأولى: القرآن الكريم – الأبجدية – العلوم الدينية- القراءة التركية- إملاء- تدريب عسكري.
السنة الثانية : القرآن الكريم – التجويد – العلوم الدينية- الإملاء – الحساب- القراءة التركية – تحسين الخط، تدريب عسكري .
السنة الثالثة: القرآن الكريم – التجويد – العلوم الدينية – الإملاء – حسن الخط- الحساب -الجغرافيا – الفرنسية – التدريب .
السنة الرابعة: القرآن الكريم – التجويد – العلوم الدينية – الصرف العربي- اللغة الفارسية – الكتابة والنحو التركي – الجغرافيا – الحساب – حسن الخط الفرنساوي – التدريب.
السنة الخامسة: القرآن الكريم – التجويد – العلوم الدينية – النحو العربي- اللغة الفارسية – التاريخ العثماني – القواعد العثمانية – الكتابة والقراءة التركية – المكالمة التركية – الجغرافيا – الحساب – الهندسة – حسن الخط- المعلومات المتنوعة – حفظ الصحة – أصول إمساك الدفاتر – اللغة الفرنسية – حسن الخط الفرنساوي – الرسم – التدريب([36]).
وكان المتخرجون من هذه المدرسة ، يدخلون المدارس العسكرية العالية. ويحصلون بعد ذلك على رتب عالية. كما يمكنهم كذلك أن يدخلوا المدرسة المُلكية -وهي مدنية- يدرسون فيها سنة ويحصلون بعدها على رتبة قائمقام، ثم يعودون الى بلادهم([37]).
كما أنشأ السلطان عبدالحميد (معهد تدريب الوعاظ والمرشدين) أقيم لإعداد الدعاة للدعوة الاسلامية، وللجامعة الاسلامية ثم يتخرجون فينطلقون الى مختلف أرجاء العالم الاسلامي يدعون للاسلام، ويدعون للخلافة، ويدعون للجامعة الاسلامية([38]).
ولقد كانت نظرة السلطان عبدالحميد بعيدة وثاقبة ولذلك اهتم بمسلمين الصين.
خرجت الصحافة في استانبول ، بخبر مفاده أن عدد من مسلمي الصين متحمسون ، يحبون العلم ويرغبون الاستفادة من المعارف الاسلامية، وأن لديهم مؤسسات تعليمية ومدارس، وأن في بكين وحدها ثمانية وثلاثين مسجداً وجامعاً، يؤدي المسلمون فيها الصلاة، ويدعون فيها للخليفة المسلمين السلطان عبدالحميد الثاني ، وأن خطبة الجمعة في مساجد وجوامع بكين تُقرأ باللغة العربية، ثم تترجم الى اللغة الصينية، وأن الدعاء للسلطان عبدالحميد بصفته خليفة المسلمين لا يقتصر على بكين فقط، بل ويمتد الى كل مساجد الصين وجوامعها([39]).
تأسست في بكين – عاصمة الصين- جامعة أطلق عليها المسلمون الصينيون اسم (دار العلوم الحميدية) نسبة الى السلطان الخليفة عبدالحميد الثاني، أو بتعبير السفير الفرنسي في استانبول اسم (الجامعة الحميدية في بكين) وذلك في تقرير له الى وزارة خارجيته في باريس.
وقد حضر افتتاح هذه الجامعة ، الآلاف من المسلمين الصينيين. وحضره ايضاً مفتي المسلمين في بكين ، والكثير من علماء المسلمين هناك.
وفي مراسم الافتتاح ، ألقيت الخطبة باللغة العربية، ودعا الخطيب للسلطان الخليفة عبدالحميد. وقام مفتي بكين بترجمة الخطبة والدعاء الى اللغة الصينية. و(بكى أغلب المسلمين الحاضرين بكاءً حاراً بدافع فرحتهم) و(إن مسلمي الصين مترابطون فيما بينهم ترابطاً واضحاً برباط الدين المتين. وإن إيراد الخطبة باللغة العربية لغة المسلمين الدينية، ورفع علم الدولة العثمانية على باب هذه الجامعة، قد أثر تأثيراً بالغاً في هؤلاء الناس الطيبي القلب، وحرك الدموع في اعينهم)([40]).
سادساً: خط سكة حديد الحجاز:
عمل السلطان عبدالحميد على كسب الشعوب الاسلامية عن طريق الاهتمام بكل مؤسساتها الدينية والعلمية والتبرع لها بالأموال والمنح ورصد المبالغ الطائلة لاصلاح الحرمين وترميم المساجد وزخرفتها وأخذ السلطان يستميل إليه مسلمين العرب بكل الوسائل فكون له من العرب حرساً خاصاً وعين بعض الموالين له منهم في وظائف كبرى منهم (عزت باشا العابد) -من أهل الشام- الذي نجح في أن ينال أكبر حظوة عند السلطان عبدالحميد وأصبح مستشاره في الشؤون العربية. وقد لعب دوراً هاماً في مشروع سكة حديد الحجاز الممتدة من دمشق الى المدينة المنورة وهو بهذا المشروع الذي اعتبره السلطان عبدالحميد وسيلة من والسائل التي أدت لأعلاء شأن الخلافة ونشر فكرة الجامعة الاسلامية.
وأبدى السلطان عبدالحميد اهتماماً بالغاً بإنشاء الخطوط الحديدية في مختلف أنحاء الدولة العثمانية مستهدفاً من ورائها تحقيق ثلاثة أغراض هي:
ربط أجزاء الدولة المتباعدة مما ساعد على نجاح فكرة الوحدة العثمانية والجامعة الاسلامية والسيطرة الكاملة على الولايات التي تتطلب تقوية قبضة الدولة عليها.
إجبار تلك الولايات على الاندماج في الدولة والخضوع للقوانين العسكرية التي تنص على وجوب الاشتراك في الدفاع عن الخلافة بتقديم المال والرجال.
تسهيل مهمة الدفاع عن الدولة في أية جبهة من الجبهات التي تتعرض للعدوان لأن مد الخطوط الحديدية ساعد على سرعة توزيع القوات العثمانية وإيصالها الى الجبهات([41]).
وكانت سكك حديد الحجاز من أهم الخطوط الحديدية التي أنشأت في عهد السلطان عبدالحميد ففي سنة 1900م بدأ بتشييد خط حديدي من دمشق الى المدينة للاستعاضة به عن طريق القوافل الذي كان يستغرق من المسافرين حوالي أربعين يوماً، وطريق البحر الذي يستغرق حوالي أثنى عشر يوماً من ساحل الشام الى الحجاز، وكان يستغرق من المسافرين أربعة أو خمسة أيام على الأكثر ولم يكن الغرض من إنشاء هذا الخط مجرد خدمة حجاج بيت الله الحرام وتسهيل وصولهم الى مكة والمدينة وإنما كان السلطان عبدالحميد يرمي من ورائه أيضاً الى أهداف سياسية وعسكرية فمن الناحية السياسية خلق المشروع في أنحاء العالم الاسلامي حماسة دينية كبيرة إذ نشر السلطان على المسلمين في كافة أنحاء الأرض بياناً يناشدهم فيه المساهمة بالتبرع لانشاء هذا الخط([42])، وقد افتتح السلطان عبدالحميد قائمة التبرعات بمبلغ (خمسين الف ذهباً عثمانياً من جيبه الخاص) وتقرر دفع (مائة ألف) ذهب عثماني من صندوق المنافع، وأسست الجمعيات الخيرية وتسابق المسلمون من كل جهة للإعانة على إنشائها بالأنفس والأموال)([43]).
وتبرع للمشروع الشخصيات الهامة في الدولة ، مثل الصدر الأعظم ووزير الحربية (حسين باشا) ووزير التجارة والأشغال (ذهني باشا)، ورئيس لجنة المشروعات (عزت باشا).
وتبارى موظفو الشركات في التبرع، مثل موظفي شركة البواخر العثمانية. وكذلك موظفو الدولة العموميين، والولايات مثل ولاية بيروت ودمشق وحلب وبورصة وغيرها.
وشارك القصر الحاكم في مصر، في حملة التبرعات، وشكلت في مصر لجنة الدعاية للمشروع وجمع التبرعات له برئاسة (أحمد باشا المنشاوي). كما شاركت الصحافة المصرية في حملة سكة حديد الحجاز بحماس ومثال على ذلك جريدة المؤيد. وجمعت جريدة (اللواء) المصرية تبرعات للمشروع بلغت -حتى عام 1904م- ثلاثة آلاف ليرة عثمانية. وكان يرأسها مصطفى كامل باشا، كما جمع (علي كامل) مبلغ (2000) ليرة عثمانية للمشروع حتى عام 1901م.
وأسهم في هذه الحملة ، جريدة (المنار) وجريدة (الرائد المصري) وشكلت لجان تبرع للمشروع في كل من القاهرة والاسكندرية وغيرهما من مدن مصر.
وكان مسلموا الهند أكثر مسلمي العالم حماساً وعاطفة وتبرعاً للمشروع. وقد تبرع أمير حيدر أباد بالهند بإنشاء محطة المدينة المنورة في المشروع كما تبرع شاه إيران بملبغ (50.000) ليرة عثمانية.
ورغم احتياج المشروع لبعض الفنيين الأجانب في إقامة الجسور والأنفاق، فإنهم لم يستخدموا إلا إذا اشتدت الحاجة إليهم، مع العلم بأن الأجانب لم يشتركوا إطلاقاً في المشروع، ابتداءً من محطة الأخضر -على بعد 760 كليومتراً جنوب دمشق- وحتى نهاية المشروع. ذلك لأن لجنة المشروع استغنت عنهم واستبدلتهم بفنيين مصريين.
وبلغ عدد العمال غير المهرة عام 1907م (7500) عاملاً. وبلغ إجمالي تكاليف المشروع (4.283.000) ليرة عثمانية. وتم إنشاء المشروع في زمن وتكاليف أقل مما لو تعمله الشركات الاجنبية في أراضي الدولة العثمانية([44]) وفي أغسطس سنة 1908م وصل الخط الحديدي الى المدينة المنورة وكان مفروضاً أن يتم مده بعد ذلك الى مكة لكن حدث أن توقف العمل فيه لأن شريف مكة -وهو الحسين بن علي- خشي على سلطاته في الحجاز من بطش الدولة العثمانية فنهض لعرقلة مد المشروع الى مكة وكانت مقر إمارته وقوته. فبقيت نهاية الخط عند المدينة المنورة حتى إذا قامت الحرب الكبرى الأولى عمل الانكليز بالتحالف مع القوات العربية التي انضمت إليهم بقيادة فيصل بن الحسين بن علي على تخريب سكة حديد الحجاز ولا تزال هذه السكة معطلة حتى اليوم والمأمول أن تبذل الجهود لاصلاحها حتى تعود الى العمل في تيسيير سفر حجاج بيت الله الحرام([45]).
وقد وصف السفير البريطاني في القسطنطينية في تقريره السنوي (1) العام 1907م أهمية الخط الحجازي فقال: (إن بين حوادث السنوات العشر الأخيرة عناصر بارزة في الموقف السياسي العام، أهمها خطة السلطان الماهرة التي استطاع أن يظهر بها أمام ثلاثمائة مليون من المسلمين في ثوب الخليفة الذي هو الرئيس الوحي للمسلمين ، وأن يقيم لهم البرهان على قوة شعوره الديني وغيرته الدينية، ببناء سكة حديد الحجاز التي ستمهد الطريق في القريب العاجل أمام كل مسلم للقيام بفريضة الحج الى الأماكن المقدسة في مكة والمدينة). فلا غرو إذا ما لمسنا حنق الانكليز على ذلك الخط الحديدي وافتعالهم الأزمات لإعاقته، وانتهازهم أول فرصة لتعطيله ونسفه. لقطع الطريق على القوات العثمانية([46]).
وكان أول قطار قد وصل الى محطة سكة الحديد في المدينة المنورة من دمشق الشام يوم 22 آب (أغسطس) 1908م وكان بمثابة تحقيق حلم من الأحلام بالنسبة لمئات الملايين من المسلمين في أنحاء العالم كافة، فقد اختصر القطار في رحلته التي استغرقت ثلاثة أيام وقطع فيها 814 ميلاً مشقات رحلة كانت تستغرق في السابق اكثر من خمسة أسابيع كما خفقت في ذلك اليوم التاريخي قلوب أولئك الذين كانوا مشتاقين الى القيام بأداء فريضة الحج المقدسة([47]).
كانت سياسة عبدالحميد الاسلامية محضة، فاراد أن يجمع قلوب المسلمين حواليه باعتباره خليفة المسلمين جميعاً فكان مد خط السكة الحديدي بين الشام والحجاز من الوسائل الجميلة في تحقيق هدفه المنشود([48]).
كان كرومر المعتمد البريطاني في مصر(1301-1325هـ/1883-1907م) من أوائل من ألب أوروبا على الجامعة الاسلامية، وحرص على أن يتحدث في تقاريره السنوية عن الجامعة الاسلامية ببغض شديد وفي الوقت نفسه نشرت جريدة الأهرام (المصرية) تصريحات مثيرة لوزير فرنسي هو (هانوتو) هاجم فيها الجامعة الاسلامية . وكانت مهاجمة الجامعة الاسلامية تستتبع بالتالي بمهاجمة الدولة العثمانية حتى تتفرق الوحدة التي تجمع من حولها الدول الاسلامية لتواجه النفوذ الاستعماري الزاحف الذي قد رسم مخططه على أساس التهام هذه الوحدات والحيلولة دون إلتقائها مرة أخرى في أي نوع من الوحدة ليستديم سيطرته عليها([49])؛ فاتخذوا لذلك عدة أعمال أساسية :
تعميق الدعوات الاقليمية والخاصة بالوطنية والأرض والأمة والعرق.
خلف جو فكري عام لمحاربة الوحدة الاسلامية وتصفيتها.
وكل هذا مقدمة لإلغاء الخلافة العثمانية نهائياً وبالتعاون مع الصهيونية العالمية([50]) ويهود الدونمة وأذنابهم من جمعيات تركيا الفتاة، والاتحاد والترقي،… سياسة التودد والاستمالة!
انتهج السلطان عبدالحميد الثاني سياسة التودد الى الشخصيات ذات النفوذ في الأوساط الشعبية في مختلف البقاع، فهو من ناحية كان يظهر أحترامه لأهل العلم، ويعلي من قدرهم، ومن أجل ذلك جعل مجلس المشايخ، ورتب رواتب أعضائه ، وكان حسن النية مع مرشديهم، وكان أرباب العلم ذوي رتب عالية عنده، وكان يتودد الى الشخصيات المهمة والتي تشجع وتقف مع فكرة الجامعة الاسلامية، مثل (مصطفى كامل باش) في مصر، ويعفو عن أخطاء البارزين -إذا كانوا يحسنون النية معه، ماداموا مقتنعين ومساندين لفكرة الجامعة الاسلامية- مثل (نامق كمال).
وكان يختار بعض طلاب مدرسة العشائر العربية من أبناء العائلات الأصيلة العريقة ذات النفوذ والسطوة والسمعة الطيبة من أبناء زعماء العرب. وقد توسعت هذه المدرسة فيما بعد وأخذت من أبناء الأكراد والألبان وحرص على الاتصال بزعماء وشيوخ وأمراء قبائل العرب بواسطة الرسائل والرسل لتقوية روابط الود والمحبة والأخوة الاسلامية ، وكان على معرفة تامة بعمل الانجليز الذين اتصلوا بالشيوخ مثل (شريف مكة) و(الشيخ حميد الدين) في اليمن، وشيخ عسير وبعض شيوخ من أجل تحريضهم على الدولة العثمانية وتشجيعهم بالخروج على طاعة الخليفة، والانفصال عن الدولة العثمانية.
وعمل على إبطال مخططات الانكليز ومؤامراتهم الخبيثة، ولم يتوان عن حجز من يشك في ولائهم للدولة العثمانية ويلزمهم بالبقاء تحت رقابة الدولة في استانبول تحت مسميات المناصب والمرتبات، حتى تأمن الدولة مؤامراتهم ، كما فعل مع شريف مكة عندما عينه عضواً في مجلس شورى الدولة في استانبول ، ليمنعه من العودة الى مكة وقد عبر السلطان عبدالحميد عن رأيه في الشريف حسين، أثناء حديثه مع الصدر الأعظم فريد باشا. قال السلطان عبدالحميد: (إن الشريف حسين لايحبنا. إنه الآن هادئ وساكن، لكن الله وحده يعلم ماذا يمكن أن يفعله الشريف غداً). لذلك تأخر قيام الثورة العربية بقيادة الشريف حسين الى مابعد خلع الاتحاديين للسلطان عبدالحميد.
فلما حكم حزب الاتحاد والترفي الماسوني، أعاد الشريف حسين الى مكة واستطاع بعد ذلك أن يتحالف مع الانكليز ويحدث فجوة كبيرة بين مسلمي العرب والأتراك([51]).
سابعاً: إبطاله مخططات الأعداء:
شرعت بريطانيا منذ الربع الأول من القرن التاسع عشر في تحريض الأكراد ضد الدولة العثمانية، بهدف إيجاد عداء عثماني كردي من ناحية، وانفصال الأكراد بدولة تقتطع من الدولة العثمانية من ناحية أخرى.
وعندما قامت شركة الهند البريطانية زاد اهتمام الانكليز بالعراق، وقامت على العمل لإيجاد حركة قومية بين الاكراد وتجول مندوبون بريطانيون بين عشائر الاكراد في العراق في محاولة لتوحيد العشائر الكردية ضد الدولة العثمانية وكانت المخابرات العثمانية تتابع الأمور بدقة متناهية ووضع السلطان عبدالحميد خطة مضادة للعمل التدميري الانكليزي فقام بالتالي:
· قامت الدولة العثمانية بحماية المواطنين الأكراد من هجمات الأرمن الدموية ضدهم.
· أرسل الى عشائر الاكراد وفوداً من علماء المسلمين للنصح والإرشاد والدعوة الى الاجتماع تحت دعوة الجامعة الاسلامية ، وأدت هذه الوفود دورها في إيقاظ الأكراد تجاه الاطماع الغربية.
· اتخذ السلطان عبدالحميد إجراءات يضمن بها ارتباط أمراء الأكراد به وبالدولة.
· أسس الوحدات العسكرية الحميدية في شرق الأناضول من الأكراد، للوقوف أمام الاعتداءات الأرمنية .
· كان موقف الدولة قوياً ضد أطماع الأرمن في إقامة دولة تقطع من أراضيها، وبذلك شعر الأكراد المقيمون في نفس المنطقة بالأمان([52]).
· عملت الدولة على كشف مخططات الانكليز الهادفة الى تفتيت الدولة العثمانية تحت مسمى حرية القوميات في تأسيس كل قومية دولة مختصة بها.
استطاع السلطان عبدالحميد أن يضيق على النفوذ البريطاني في اليمن ويحقق نجاحاً ظاهراً في صراعه مع الانكليز في تلك المنطقة، فقد أنشأ فرقة عسكرية في اليمن قوامها ثمانية آلاف جندي، لإعادة اليمن الى الدولة العثمانية مرة أخرى ووصل اهتمامه باليمن الى إرسال مشاهير قادته ليقودوا هذه الفرقة مثل (أحمد مختار باشا) و(أحمد فوزي باشا) و(حسين حلمي باشا) و(توفيق باشا) والمشير(عثمان باشا)، و(اسماعيل حقي باشا) وقد حاول الانكليز إذكاء نيران التمرد في اليمن ضد الدولة العثمانية ولكن السياسة الحكيمة التي سار عليها السلطان عبدالحميد كفلت له النجاح في اليمن([53]).
وكانت العقلية العثمانية تسعى لمد خط سكة الحديد من الحجاز الى اليمن وهذا ماتثبته الوثائق العثمانية التي دلت على وجود تخطيط ودراسة عميقة لهذا المشروع الكبير([54]).
ثامناً: الاطماع الإيطالية في ليبيا:
كانت إيطاليا تحلم بضم شمال أفريقيا، لأنها تراه ميراث إيطالي هكذا صرح رئيس وزرائها (ماتريني)([55]). لكن فرنسا احتلت تونس وانكلترا احتلت مصر، ولم يبق أمام إيطاليا إلا ليبيا.
رسمت إيطاليا سياستها في ليبيا على ثلاث مراحل:
الأولى: الحلول السلمية، بإنشاء المدارس والبنوك وغيرها من “مؤسسات خدمية”.
الثانية: العمل على أن تعترف الدول بآمال إيطاليا في احتلال ليبيا ، بالطرق الدبلوماسية.
الثالثة: إعلان الحرب على الدولة العثمانية والاحتلال الفعلي .
وكانت السياسة الإيطالية لاتلفت النظر الى تحركاتها، بعكس السياسة البريطانية أو الفرنسية في ذلك الوقت وكان الإيطاليون يتحركون “بحكمة” و”هدوء” شديدين دون إثارة حساسية العثمانيين.
وكان السلطان عبدالحميد متيقضاً لتلك الأطماع الإيطالية وطلب معلومات من مصادر مختلفة عن نشاط الإيطاليين في “ليبيا” وأهدافهم، فجاءته المعلومات تقول: (إن للإيطاليين بمدارسهم وبنوكهم ومؤسساتهم الخيرية التي يقيمونها في الولايات العثمانية، سواء في ليبيا أو في ألبانيا، هدفاً أخيراً هو تحقيق أطماع إيطاليا في الاستيلاء على كل من :
1- طرابلس الغرب.
2- ألبانيا.
3- مناطق الأناضول الواقعة على البحر الأبيض المتوسط: أزمير – الاسكندرون – أنطاكيا).
قام السلطان عبدالحميد الثاني بإتخاذ التدابير اللازمة أمام الأطماع الإيطالية ولما شعر أنه سيواجه اعتداءً إيطالياً مسلحاً على ليبيا، قام بإمداد القوات العثمانية في ليبيا بـ (15.000) جندي لتقويتها وظل يقظاً حساساً تجاه التحركات الايطالية، ويتابعها شخصياً وبدقة، ويطالع كل مايتعلق بالشؤون الليبية بنفسه بواسطة سفير الدولة العثمانية في روما، ووالي طرابلس مما جعل الايطاليون يضطرون الى تأجيل احتلال ليبيا وتم لهم ذلك في عهد جمعية الاتحاد والترقي([56]) وسنأتي على ذلك بالتفصيل بإذن الله في الكتاب السابع الذي يتحدث عن الحركة السنوسية وأثرها الدعوي والجهادي في إفريقيا.
إن فكرة الجامعة الاسلامية كان لها صدى بعيد في العالم الاسلامي لعدة أسباب منها:
كانت الدول الأوروبية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر تتنافس على الاستعمار في الشرق وحدث سلسلة اعتداءات على الشعوب الاسلامية فاحتلت فرنسا تونس (1881م) واحتلت انكلترا مصر (1882م)، وتدخلت فرنسا في شؤون مراكش حتى استطاعت أن تعلن عليها الحماية (1912م) مقتسمة أراضيها مع اسبانيا وكذلك توغل الاستعمار الأوروبي في بلاد أفريقية اسلامية كالسودان ونيجريا وزنجبار وغيرها.
1.تقدمت وسائل النقل والاتصالات بين العالم الاسلامي وانتشرت الحركة الصحافية في مصر وتركيا والجزائر والهند وفارس وأواسط آسيا وجاوة (اندونيسيا) وكانت الصحف تعالج موضوع الاستعمار وأطماع الدول الأوروبية في العالم الاسلامي وتنشر أخبار الأوروبيين المتكررة في الهجوم على ديار الاسلام، فتتأثر القلوب ، وتهيج النفوس، وتتفاعل مشاعر وعواطف المسلمين مع إخوانهم المنكوبين.
2.كانت جهود العلماء ودعواتهم في وجوب إحياء مجد الاسلام فقد انتشرت في ربوع العالم الاسلامي الدعوة الى وحدة الصف وإزداد الشعور بأن العدوان، الغربي بغير انقطاع على الشعوب الاسلامية مما يزيدها ارتباطاً وتماسكاً وبأن الوقت قد حان لتلتحم الشعوب الاسلامية وتنضوي تحت راية الخلافة العثمانية وغير ذلك من الاسباب([57]).
إن السلطان عبدالحميد الثاني نجح في إحياء شعور المسلمين بأهمية التمسك والسعي لتوحيد صفوف الأمة تحت راية الخلافة العثمانية وبذلك يستطيع أن يحقق هدفين:
الأول : تثبيت دولة الخلافة في الداخل ضد الحملات القومية التغريبية الماسونية اليهودية الاستعمارية النصرانية.
الثانية: وفي الخارج تلتف حول راية الخلافة جموع المسلمين الخاضعين للدول الأوروبية كروسيا وبريطانيا وفرنسا. وبذلك يستطيع أن يجابه تلك الدول ويهددها بإثارة المسلمين وإعلانه الجهاد عليها في جميع أنحاء العالم الاسلامي([58]).

([1]) انظر: مذكرات السلطان عبدالحميد ، ص23.
([2]) انظر: مذكرات السلطان عبدالحميد ، ص23.
([3]) المصدر السابق نفسه، ص24.
([4]) المصدر السابق نفسه، ص24.
([5]) المصدر السابق نفسه، ص24.
([6]) مذكرات السلطان عبدالحميد، ص24.
([7]) المصدر السابق نفسه، ص24.
([8]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص168.
([9]) المصدر السابق نفسه، ص169.
([10]) المصدر السابق نفسه، ص169.
([11]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص172.
([12]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص181.
([13]) المصدر السابق نفسه، ص182.
([14]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص183.
([15]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص184.
([16]) انظر: مذكرات السلطان عبدالحميد، ص 148.
([17]) انظر: جمال الدين الأفغاني المصلح المفترى عليه، د. محسن عبدالحميد، ص137.
([18]) المصدر السابق نفسه، ص137.
([19]) انظر: جمال الدين الأفغاني المصلح المفترى عليه، ص137.
([20]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص196.
([21]) المصدر السابق نفسه، ص197.
([22]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص197.
([23]) المصدر السابق نفسه، ص198.
([24]) المصدر السابق نفسه، ص198.
([25]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص198.
([26]) انظر:السلطان عبدالحميد الثاني، ص199.
([27]) المصدر السابق نفسه، ص200.
([28]) انظر: واقعنا المعاصر، ص153.
([29]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص201.
([30]) المصدر السابق نفسه، ص99.
([31]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص100.
([32]) انظر: موسوعة أتاتورك (1/59،60).
([33]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص100.
([34]) المصدر السابق نفسه، ص101.
([35]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص98.
([36]) انظر: تاريخ التربية التركية، عثمان أركين ،ص614-615،84، 1180،1182 على التوالي.
([37])انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص202.
([38]) انظر: الانقلاب العثماني، مصطفى طوران، ص37.
([39]) انظر: جريدة ترجمان حقيقت رسالة من الصين 26/12/1325هـ.
([40]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص205.
([41]) انظر: صحوة الرجل المريض، د. موفق بني المرجَة، ص113.
([42]) انظر: صحوة الرجل المريض، ص113.
([43]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص222.
([44]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص224.
([45]) انظر: صحوة الرجل المريض، ص114.
([46])
([47]) انظر: صحوة الرجل المريض، ص114.
([48]) المصدر السابق نفسه، ص114.
([49]) انظر: حاضر العالم الاسلامين، د.جميل المصري (1/101).
([50]) المصدر السابق نفسه (1/101).
([51]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص227.
([52]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص131،132.
([53]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص224.
([54])
([55]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص138.
([56]) انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص139.
([57]) انظر: صحوة الرجل المريض، ص112.
([58]) المصدر السابق نفسه، ص113.

ماذا تعرف عن الملك فاروق و مصر فى عهد الملك فاروق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *