هل تعرف قصة حياة ماري انطوانيت اخر ملكات فرنسا

ملكة المجون ( نحن من نصنع الفاسدون )

عندما تنعزل السلطة عن الشعب تماماً يتولد لنا شخصيات تاريخية في منتهى الغرابة،  فهناك واحدة من أغرب الشخصيات النسائية الموجودة في سجلات التاريخ على الاطلاق ، بل كانت هي السبب الأهم في اندلاع الثورة الفرنسية الأشهر في التاريخ ، انها “ماري انطوانيت” زوجة الملك لويس السادس عشر وصاحبة السمعة الأسوء بين نظيراتها من سيدات السياسة والمجتمعات ، كانت رمزاً يقتدى به في النفوذ والفساد والبطش، وكان الشعب الفرنسي يكرهها لأنها تعتبر أيضاً رمزاً للتجاوز في النظام الملكي الفرنسي ، والمعروف عن شخصية ماري أنطوانيت بأنها كانت مرحة وجريئة وتحب لعب القمار، وتهتم بإقامة الحفلات الخليعة والصاخبة وتهتم بالأزياء وكانت مسرفة في الأموال بشكل ملحوظ، وماري كانت تعتبر من أجمل نساء القرن الثامن عشر .
مع بداية الاضطرابات في الحكومة الفرنسية بسبب ضعف المحاصيل وزيادة الأسعار، ازداد أسلوب حياتها الفاحش والمادي إلى زيادة غضب الشعب الفرنسي منها، وبدأوا يتهموها بالجهل والبذخ ووصلت الاتهامات إلى حد الزنا، ولم تتوقف سمعتها السيئة عند هذا الحد بل زادت أكثر وأكثر بسبب أنها كانت تسرف في إغداق الأموال على حساب البلاط ولم تعط أي اهتمام للأزمة المالية بفرنسا، وقد رويت القصص الكاذبة والسيئة عنها، إلى حد أن أثيرت الشائعات على أنها كانت جاسوسة لحساب النمسا.

الغريب في شخصية ماري وماأقصده بالضبط أن الرفاهية الزائدة والانعزال التام عن الحقائق والوقائع يمثل خطورة أكبر ؛ فكل الدراسات النفسية التي درست حياة هذه المرأة أكدت بأنها لم تكن تستوعب جوع شعبها بالفعل ولم تعتقد بأن المملكة يوجد بها أزمة ،  وكانت ترى أن لها الحق في ممارسة حياة الرفاهية وأنه حقها الطبيعي بصفتها ملكة فرنسا ؛ بينما كان الشعب الفرنسي يعاني من الجوع وهذا مصيره فما المطلوب منها أن تفعل !! ؛ وحينما رأت تحمهرات الشعب الفرنسي من شرفة قصرها يطالبون بالخبز تعجبت كثيراً وقالت لماذا هم ثائرون “ان كانت مشكلتهم في عدم وجود الخبز فليأكلوا كعكاً ” والذي ذكر هذه العبارة هو جان جاك روسو في كتابه الاعتراف ( هناك مصادر تنفي صحة هذه المقولة لكنها لم تنفي الحدث وكل ماذكرناه ) ، فانعزالها التام هيأ لها أن هذا واقع الحياة الطبيعي ، فالرفاهية للملوك والجوع لعامة الشعب وأن هذه سنة الحياة ؛ وهذا أخطر بكثير جداً ، فهل يجب على الراعي أن يرى أن الجوع هو الأمر الطبيعي للفقراء وأن هذه سنة الحياة !! ، ولكن أين المفر من النهاية ؟

بدأت نهايتها الحقيقية مع اقتحام 900 عامل وفلاح فرنسي لسجن باستيل لأخذ السلاح والذخائر، وبعدها تجمع ما يقرب من 10 آلاف شخص خارج قصر فرساي مطالبين باحضار الملك والملكة الي باريس، وحينها أصيب الملك لويس السادس عشر بالشلل وأخذت ماري مكانه واجتمعت مع المستشارين والسفراء وراسلت حكام أوروبيين تطلب منهم المساعدة في إنقاذ الملكية الفرنسية.

وعندما قامت الثورة ،  وبعد أن أقنعت ماري أنطوانيت لويس السادس عشر بالفرار من باريس في 20 يونيو 1791م، خرجت العائلة الملكية متنكرة في عربة متجهة للحدود الشرقية لفرنسا، ولكن أحد الوطنيين المتيقظين تعرف على الملك من صورته المطبوعة على العملة الورقية، وتم إيقاف الملك والملكة في فاران وأعيدا تحت الحراسة إلى باريس، وأدى هروب لويس السادس عشر وماري أنطوانيت إلى زيادة فقدان ثقة الشعب بهما، ولكن لويس السادس عشر وعد بأن يقبل دستورًا جديدًا أدى إلى الحد من سلطاته.

كانت ماري أنطوانيت تعمل للحصول على المساعدة من الخارج، وحينما بدأت الحرب مع النمسا وبروسيا في عام 1792م، اتهمت بافشاء أسرارًا عسكرية إلى الأعداء. وارتاب الشعب وأيقن أنها مذنبة بسبب تلك الخيانة، و في 10 أغسطس 1792م  أوقف الملك عن تولي أمور مُلكه بعد مظاهرات عنيفة طالبت بخلعه وساقت به وبالعائلة وبولي العهد ابنه الطفل لويس السابع عشر إلى سجن “المعبد” وتولت جبهة “الكونفنسيون” محاكمته واعتقل الملك والملكة، وبعد ذلك أحيل الملك لويس السادس عشر والملكة ماري انطوانيت إلى المحاكمة التي قضت بإعدامهم ، وفي سبتمبر 1792 بعد مذابح تمت في باريس ألغي المؤتمر الوطني الملكي، وأعلنت انشاء جمهورية فرنسا ، لينتهي الحكم الملكي الفرنسي للأبد.
وفي 16 أكتوبر تم اقتياد ماري في عربة مكشوفة دارت بها في شوارع باريس والفرنسيين يحاولون مهاجمتها، وقاموا بقص شعرها الذي كان قد أصابه مرض نادر، سمي باسمها فيما بعد وهو باسم (متلازمة ماري انطوانيت) وهو التحول المفاجئ للون الشعر إلى اللون الأبيض الزاهي لأسباب نفسية ؛ والذي تم في ليلة القبض عليها، ومر بها الثوار على كل أركان المدينة وهي مرتديةً رداءً أبيض بسيطاً، ورماها الغوغائيين بالأوساخ وكل ما يقع تحت ايديهم ، ووضعوا رأسها الصغير بالمقصلة التي أطاحت برأسها ، وتم قطع رأسها في 16 سبتمبر عام 1793 في الساعة 12:15 ظهراً ؛ عن عمر يبلغ 38 عامًا ، ويقال إن آخر كلماتها كانت التي قالتها بمنتهى البراءة والسزاجة والانعزال التام :-  “عذراً، سيدي، لم أقصد أن أفعل ذلك” – ؛ لم تقل هذا للمتحدث باسم الثوار أو لأي شخص من عامة الشعب ، لا ، بل قالته للجلاد لأنها دهست حذائه حين كانت تصعد إلى المقصلة !!

– ملخصاً هناك شخصيات مريضة كثيرة نحن من نصنعهم بأيدينا ونعزلهم عن الحقائق بمجرد سكوتنا أو إيماننا بالأمر الواقع ، ينطبق هذا الكلام على كل من يملك منصب أو حتى من لا يملك ؛ بل ينطبق أيضاً على أطفالنا ، ربما يكون الماجن برئ الى حد ما ، وسبب فساده هو اقتناعه وتيقنه بأن الرفاهية والانعزال هو حق مكتسب وعدم استيعابه بأن حياته الخاصة يمكن أن تكون مثل حياة الاخرين التي قد كُتب عليها العناء بسبب تدليلنا الزائد أو تحملنا فوق ماهو مطلوب منا .

-معلومات اكتر في التعليقات.

ماذا تعرف عن الملك فاروق و مصر فى عهد الملك فاروق

اخبار النادي الأهلي المصري اضغط هنا

معلومات طبية و دليل الأدوية اضغط هنا

اخبار المجتمع و معلومات طريفة اضغط هنا

FLASH MEDICAL INFO PRESS HERE

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *